تستأثر المشاهد المقدسة فی کافة أنحاء العالم الاسلامی بل وفی العالم الاسلامی باهتمام محبیها و مریدیها، حیث یحرص هؤلاء علی زیارة هذه المشاهد بانتظام و خصوصا فی المناسبات المقررة لهذه الزیارة و التی تکون فی الغالب عند ذکری المولد و الوفاة أو الأعیاد أو سوی ذلک.
و بقدر تعلق الأمر بالمشاهد المقدسة فی قطر العراق أو بمشهد العباس علیهالسلام موضوع هذا البحث، فان الکثیر من هذه المشاهد مناسبات مخصوصة و منصوصة من قبل أئمة الهدی أو القادة الروحانیین السابقین، حیث یلتزم بأوقاتها و مواعیدها المقررة هذه الجمیع من دون استثناء.
و حیث ان کل مناسبة من هذه ترد مرة کل سنة و أنها – من ثم – فی مجموعها بالنسبة للمشهد الواحد لا تتعدی عن أصابع الید الواحدة فی غضون السنة، مما یدع فترة طویلة تفصل بین کل مناسبة و الأخری التی تعقبها.
لذا فقد تداعی و اتفق رواد و أنصار هذه المشاهد و زوارها علی تعیین و ترتیب أیاما معینة من کل أسبوع لزیارة هذه المشاهد لیکون حضور الزوار و عن مختلف الأطراف و الجهات یتکرر الیها کل أسبوع من دونما توقف أو انقطاع.
لذا فقد استقر الأمر و القرار علی اعتبار یوم الأحد من کل أسبوع موعدا خاصا لزیارة مرقد الامام علی علیهالسلام فی النجف الأشرف – اضافة لزیارة المخصوصة کل سنة -.
و اعتبار یوم الأربعاء وقتا مقررا لزیارة الامامین الجوادین (الکاظمین) فی مدینة الکاظمیة، و لیلة الجمعة و یومها موعدا و وقتا مخصوصا لزیارة الامام الحسین علیهالسلام، اضافة لزیاراته المخصوصة فی السنة و التی تزید فی العدد علی عدد زیارات أی مشهد آخر.
و حدد مساء الثلاثاء (لیلة الأربعاء) من کل أسبوع کوقت مقرر لزیارة مسجد الکوفة و السهلة فضلا عن مشهدی مسلم بن عقیل و هانی بن عروة الذین یقعان الی جوار المسجد الأول.
أما بالنسبة لمشهد أبیالفضل العباس علیهالسلام فقد وضع له أو استقر الأمر علی أن یکون یوم السبت من کل أسبوع موعدا لزیارته.
و العجیب هنا أن النساء قد التزمن بهذا الموعد بشکل یثیر الانتباه دون الرجال و بعد تحرینا الدقیق عن علة و مرد اختیار یوم السبت بالذات کوقت مخصوص لزیارة العباس و تقید النسوة به بصورة منتظمة دون الرجال.
نعم بعد تحرینا عن خلفیات و أولیات وضع هذا الیوم دون سواه و من جماهیر الکبار و المسنین من ذوی العلم و المعرفة و من الجنسین الرجال و النساء و فی هذا المکان أو ذاک ظهر لنا – من کل ذلک – أنه کانت منذ عدة عقود قد تمتد الی قرن من الزمن، کانت هناک امرأة کردیة (فیلیة النسب) من أهالی محافظة دیالی قد بلغت سن المراهقة ولکن لم یخطبها أو یتقدم الیها رجل، و قد استمرت فی التقدم بالعمر ولکن من دون أن یتقدم الیها أحد لیطلب یدها لذا فقد آثرت هذه المرأة الکردیة أو قررت من تلقاء نفسها أن تأتی کل یوم سبت الی کربلاء لزیارة مرقد العباس علیهالسلام، لعل الله یحقق لها مرادها بواسطة وجاه و منزلة العباس، و هو أن تجد لها زوجا مناسبا و من ثم یرزقها منه ذریة صالحة قبل أن تودع هذه الحیاة الدنیا الوداع الأخیر.
و أخذت هذه المرأة تلتزم بانتظام بزیارة العباس فی کل یوم سبت من کل أسبوع، و حین بلغ ترددها سبعة أسابیع و اذا بخاطب یتقدم الی دارها لیطلب یدها من ذویها، حیث اعتبرت ذلک من کرامات العباس علیهالسلام و مآثره، و جلبت معها بعد خطبتها لحرم العباس الخبز و الفاکهة لتوزیعها علی زوار هذا الحرم.
و یشاهد هنا أن البعض من النسوة القادمات للزیارة فی أیام السبت قد یجلبن معهن کمیات کبیرة من لفات الخبز و الصمون و فی داخلها شیئا من الخضرة و الجبن و تدعی هذه ب»السفرة» أو «سفرة العباس» لغرض توزیعها علی الزوار المتواجدین فی داخل الحرم. و مرد جلب هذه السفرة فهو اما لأن مراد هؤلاء قد تحقق أو لغرض السرعة فی
تلبیة هذا المراد من الله تعالی ببرکة العباس ان لم یکن قد تحقق بعد، و ذلک تأسیا بما قامت به المرأة الکردیة من قبل بعد تحقق طلبها و مرادها (1).
1) العباس رجل العقیدة و الجهاد: ص 177 – 169.