یحتل القادة و المجاهدون و المناضلون فی سبیل الحق و العدل و الحریة مکانة ممیزة و مرموقة فی نفوس مواطنیهم لما قدموه لهم من جهود و تضحیات جسام فی سبیل تقدمهم و نهضتهم و سعادتهم، و هی مکانة و منزلة خاصة لا تضاهیها أیة مکانة أخری.
و فی سبیل تقریب أسماء و رموز هؤلاء القادة الی نفوس الجماهیر و جعلهم علی تماس و اتصال دائم و مستمر معهم – بعد رحیلهم عن وجه الأرض – لغرض الاقتداء بهدیهم و الاسترشاد بسلوکهم و سیرتهم الحافلة فی خضم الحیاة الدنیا.
قام هؤلاء بالاحتفاظ بکل ما خلفه هؤلاء من آثار و مخلفات و رسوم خاصة بهم – مخافة أن تودی بها عوادی الدهر – فضلا عن مساعیهم فی احیاء أیامهم و الاشادة بذکراهم فی کل مناسبة و وقت متاح.
و هذه الحالة لا تنسحب فقط علی رسل الله تعالی و أنبیائه و بمن تعلق بهؤلاء الرسل من أهلبیت و عشیرة و أصحاب، و انما تمتد الی سواهم من الناس ممن لهم جهود و نضال فی استقلال بلدانهم و درء العدوان عنها و ازدهار مواطنیها – رغم بعد بعض هؤلاء عن المحیط السماوی و الفلک الالهی و الدعم الربانی.
ففی تایلند و سریلانکا القادم الیهما عن کثب تماثیل بوذا بمختلف أحجامها و یشاهد متاحفه المختلفة و وصایاه و قد خطت علی لوحات و وضعت أو رفعت علی جدران هذه المتاحف أو فی الشوارع العامة و الساحات و أطراف الحدائق و المنتزهات و المحلات العامة.
و فی الهند نجد نفس الشیء بالنسبة الی «راما، سیتا، لکشمی، هانومان» و هم قادة الهندوس الروحیین قدیما.
و فی العالم الاشتراکی نری آثار و مخلفات قادته معروضة فی متاحف خاصة، اضافة لتحنیط البعض منهم لیتسنی للجمیع مشاهدتهم عن کثب، فضلا عن تعمیم وصایاهم و خطبهم فی کتب و دراسات و کراسات یتداولها الناس و یقرأونها باستمرار و یستشهدون بها فی کل مناسبة.
و فی العالم الرأسمالی و فی الدول النامیة نجد الحال نفسه، حیث تتواجد المتاحف التی تضم مخلفات زعمائهم و قادتهم فضلا عن نشر أقوالهم و خطبهم فی الکتب أو خطها فی لوحات کبیرة داخل المتاحف أو ایداعها شاخصة فی أماکن بارزة فی الساحات العامة و الشوارع و الحدائق و المنتزهات.
أما فی المحیط الاسلامی فان آثار الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله و سلم و أهلبیته الکرام و أصحابه العظام لا تکاد تخلو منها المتاحف الاسلامیة فی هذا القطر أو ذاک لغرض التبرک بها و الاعتبار منها.
ففی دلهی بالهند و فی زاویة خاصة من جامعها الکبیر (جامع
سجود) نجد متحفا یضم بعض المخلفات الخاصة بالرسول صلی الله علیه و آله و سلم مثل بعض الشعرات من رأسه محفوظة داخل و عاء زجاجی أمین و محکم فضلا عن تواجد قمیص ینسب الیه صلی الله علیه و آله و سلم و قرآن خطی ینسب الی الامام علی علیهالسلام و عباءة تنسب الی فاطمة الزهراء علیهاالسلام و نعل ینسب الی الحسن علیهالسلام و عمامة تنسب الی الحسین علیهالسلام و أسنان تنسب الی أویس القرنی… الخ.
و مثل هذه الأشیاء و سواها نجدها فی رکن خاص فی مسجد لاهور المرکزی (بادشاهی مسجد) فی الباکستان و مدن باکستانیة قلیلة أخری.
و فی اسطنبول عاصمة الخلافة العثمانیة نجد فی متحفها الاسلامی الکبیر من هذه المخلفات التی تنسب الی الرسول صلی الله علیه و آله و سلم أو أهلبیته و أصحابه أو التابعین لهم باحسان.
هذا و ان الذی أورداه آنفا ینسب أیضا الی العباس بن علی علیهالسلام موضوع هذا البحث، حیث نشیر هنا الی أن هناک حاجات و مواقع کثیرة تنسب الیه، و انما احتفظت هذه الی هذا الوقت و ذلک تثمینا و جزاء وفاقا لما قدمه هذا الفارس المغوار من جهود و تضحیات فی سبیل نصرة کلمة الحق و العدل و سحق نوازع الظلم و العدوان و التی توجها بتقدیم نفسه و روحه و رخیصة علی هذا الطریق.
و من هذه الأشیاء و المواقع التی تنسب الیه علیهالسلام و لا زالت بارزة و صامدة الی الآن و لم یعف علیها الزمن هی: