و فی زیارة أبیالفضل العباس علیهالسلام – تظهر مواصفاته واضحة کالشمس یقول فی الزیارة: أشهد أنک لم تهن و لم تنکل لأن العقیدة القویة الصلبة هی ضد الوهن و الذل و النکال. و لذلک کانت شخصیة أبیالفضل العباس، انعکاسا للحق، و العدالة و الحریة، بصدق و إخلاص و إیمان.
کما أنه ورد فی الزیارة: «لعن الله أمة استحلت منک المحارم، و انتهکت فی قتلک حرمة الإسلام. -» و حرمة الإسلام لا تنتهک بقتل أی مسلم مهما کان عظیما، و مهما کان أنحره فی الإسلام مشکورا – و إنما تنتهک الحرمة بقتل العالم لأن العالم إذا مات ثلم فی الدین ثلمة لا یسدها شیء. و أبوالفضل العباس کان من کبار العلماء فی الإسلام، من الذین تخرجوا من جامعة الإمام علی – علیهالسلام.
أصل الفکرة أن الزیارة – زیارة الحسین و أهل البیت علیهمالسلام – تحفظ الجانب الإنسانی فی الإنسان و تعمق الإیمان فی قلبه.. فمثلا، حین یعطل الإنسان وظائف أعضائه: قلبه.. بصره.. سمعه فإنه یکون أقل منزلة من البهائم: «و لقد ذرأنا لجهنم کثیرا الخ..» و لأنهم لم یفکروا بعقولهم، و لم یسمعوا بآذانهم، و لم یبصروا بأعینهم، فکانت نتیجة عملهم هذا أنهم فی
النار خالدون – و معنی الآیة واضح أی أنهم لم یفکروا فی المستقبل، و لم یفکروا بما ستؤدی هذه الأعمال الخ.. ثم لم یصغوا أسماعهم أی أنهم لم ینتفعوا بالنصائح.. و لم یبصروا سوء العاقبة، أو لم یبصروا بما وقع علی غیرهم من البلاء، بالإضافة إلی أنهم لم ینتفعوا بأسماعهم. کما قال أهل النار: لو کنا نسمع أو نعقل ما کنا فی أصحاب السعیر.
أقول: لأن هذا هو السبب فی دمارهم و تمزقهم..
فإذا عرفنا السبب، أدرکنا کم هی زیارة الحسین عمیقة التربیة و عظیمة المنفعة للناس و کیف تربیهم هذه الزیارة و تجعلهم فی جادة السعادة.
ففی الزیارة نقرأ العبارة التالیة:
»لبیک داعی الله إن کان لم یجبک بدنی عند استغاثتک و لسانی عند استنصارک، فقد أجابک قلبی، و سمعی و بصری«.
و لا حظوا الدقة فی التعبیر، فهذه هی منافذ العلم، و طرق الوعی، و الرشد. و الإیمان..
و حین تنغلق فإنه یستحیل علی الإنسان أن یری نور الحق، و ضیاء الإیمان.
و لذلک نجد قوم نوح حین أغلقوها، أدی إغلاقها إلی هجوم الطوفان علیهم.
فی حین نجد فی زیارة الحسین، الترکیز علی فتح هذه القنوات، و الترکیز علی أن تکون مفتوحة، و مهیأة دائما للتلقی، أی أنها تتلقی المعین و تصبه فی هذه الأرض الطیبة و التی هی نفس المؤمن الخ.
و من هذا المنطلق کانت زیارة أبیالفضل العباس – علیهالسلام – مهمة و مرغوبة بحد ذاتها لأنها مدرسة کبیرة فی التربیة و الجهاد و الحریة.
و تعالوا معی لنقرأ زیارة أبیالفضل العباس کما جاءت فی مفاتیح الجنان بخشوع و إیمان و وعی.