جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

العباس ینطلق من المبادی‏ء

زمان مطالعه: 2 دقیقه

من عادة الفارس الذی ینزل فی ساحة القتال أن یعرف نفسه من هو ما هی مبادئه و أخلاقه. و ما هی المبادی‏ء التی یناضل و یقاتل من أجلها.

و من هذا المبدأ انطلقت شعارات أبی‏الفضل العباس التی أطلقها یوم عاشوراء فی مواطن عدیدة ففی وقوفه علی الماء و امتناعه من الشرب قبل أخیه الحسین کان له شعار یعکس المبدأ العظیم و المبادی‏ء المقدسة التی حملها و قاتل من أجلها و منها الإیثار و المواساة، و الدفاع عن الحق، و العرض، و الشرف إلی آخر نبضة فی عروقه فکان یخاطب نفسه:

»یا نفس من بعد الحسین هونی«

»هذا الحسین وارد المنون«

»و تشربین بارد المعین«

»هیهات ما هذا فعال دینی«

»و لا فعال صادق الیقین«

فهو یؤکد هنا أن شرب الماء و الالتذاذ بطعمه فی مثل هذه الحالة یعد مخالفا لمبادی‏ء و فعال الدین الإسلامی الحنیف.. لأنه دین الحق و الإیثار و المواساة و الأریحیة و النجدة.. دین التسجاعة و الکرم و البسالة، و لیس من النجدة أن أشرب الماء و إلی جواری نساء و أطفال صغار قد صرعهم العطش و هم یصرخون: العطش.. العطش قد قتلنا فهل إلی شربة ماء من سبیل؟

هذا کان شعاره فی وقوفه علی الماء.

»سل الشریعة عنه یوم خاض بها

هل ذاق للماء طعما و هو غارفه‏

رمی المعین بنهر من أنامله‏

وصد عنه و ما بلت مراشفه‏

إن لم یزد معنی فی شجاعته‏

علی أبیه فقد ساوت مواقفه«

و نفس الشی‏ء نجده – أی أباالفضل العباس علیه‏السلام – یطلق أهدافه من خلال أرجوزته التی أطلقها ساعة حمل بها علی القوم و هو یرتجز و یقول:

»لا أرهب الموت إذا الموت زقا

حتی أواری فی المصالیت لقا

نفسی لسبط المصطفی الطهر وقا

إنی أنا العباس أغدو و بالسقا

و لا أخاف الشر یوم الملتقی«

و نحن هنا أمام لوحة رائعة تبین کرم و شجاعة هذا البطل العظیم.. لیس فقط تبین شجاعته بل و أیضا تبین هذه الأبیات مدی اهتمام أبی‏الفضل بقضاء حوائج الناس و السعی من أجل إنقاذهم و خلاصهم.. و ذلک بقوله:

»حتی أواری فی المصالیت لقا«.

و المصالیت جمع مصلات.. و المصلات من الرجال، هو: الرجل الشجاع الماضی فی الحوائج.. یقال: هو من مصالیت الرجال أی: من شجعانهم الماضین فی قضاء حوائج الآخرین.. هکذا جاء فی کتب اللغة و الأدب تفسیر هذه الکلمة و هی: المصالیت.

و لا شک أنه باب من أبواب الله فی قضاء حوائج المحتاجین و کشف کرب المکروبین.

و ما ینطبق علی هذین الشعارین؛ ینطبق أیضا علی الشعار الذی أطلقه أبوالفضل ساعة فقد یمینه فی سبیل الله فقال:

»و الله أن قطعتمو یمینی«

»إنی أحامی أبدا عن دینی«

»و عن إمام صادق الیقین«

»نجل النبی الطاهر الأمین«

فهو یعلن أمام الملأ أن قطع الیمین لا یثنیه عن مسیرته و لا یصده عن الحق.. بل بالعکس إن قطع الید فی سبیل الحق لهو أکبر حافز علی المضی فی الطریق إلی نهایة الشوط.

لذلک یخاطبه الإمام جعفر بن محمد الصادق – علیه‏السلام – بقوله:

أشهد أنک لم تهن و لم تنکل و إنک مضیت علی بصیرة من أمرک مقتدیا بالصالحین و متبعا للنبیین فجمع الله بیننا و بینک فی دار جنات النعیم«.