جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

عش عزیزا او مت و انت حر

زمان مطالعه: 2 دقیقه

الإسلام لا یرید منک فقط أن تحمل الحق فی داخلک، و إنما یرید منک الإسلام أن تعیش مع الحق و أن تعرف کیف تضحی من أجله و تموت من أجل الحق.. فتموت و أنت تعانق الحق.. فلیس المهم أن یعیش المرء مع الحق – و إن کان مهما فی ذاته – ولکن الأهم فی ذلک أن یخطط لموته.. و یعرف کیف یمشی للموت برجله.. مشیة الواثق بالحق، المتفانی من أجله.. أن یعرف کیف یعانق سمر العوالی، و کیف یقبل ثغر السیوف البارقة فی ساحات الوغی، وجبهات القتال.

لقد کان فی إمکان الإمام الحسین – علیه‏السلام – أن یظل فی المدینة فیقتل هناک.. و کان فی إمکانه أن یظل عاکفا فی البیت الحرام.. فی مکة المکرمة حتی یأتیه الموت أو تأتیه خناجر یزید فتقتله… ولکنه لو فعل ذلک لما أصاب الأثر الذی أصابه بمصرعه یوم عاشوراء.

إن الإمام الحسین أراد إسقاط أکبر دولة ظالمة کانت فی وقته.. دولة کلها ظلم و اعتداء علی حقوق الناس، و استبداد من الحکام الظلمة.. استبداد من الظالمین ترک جمع الناس حصیدا.. و فیئهم زهیدا.

إن الحسین – علیه‏السلام – أراد أن یحرق عروش الظالمین.. أن یزعزع

بنیانهم من القواعد.. و یسقط علیهم کسفا من السماء.. و لهذا خطط لموته و شهادته تخطیطا دقیقا و حکیما و موفقا.. بحیث استطاع أن یحدث انقلابا کبیرا فی عروش الطغاة.. لقد استطاع أن یقلب کل العروش حین أشعل فتیل الثورة فی ضلوع المقهورین و المطحونین بالحرمان و العذاب.

لقد حرک الحسین قوافل الأحرار و أضاء مشاعل الفکر فی دروب المعذبین و الفقراء و المساکین.. حتی انطلق الأحرار فی کل مکان یحملون بیارق النصر.. و أعلام الحریة.

من أجد ذلک رفع الحسین صوته مدویا فی وجوه الخانعین الأذلة:

»کونوا أحرارا فی دنیاکم»

و قد أثبت لهم أنه لا یری الموت إلا سعادة، و الحیاة مع الظالمین إلا شقاء و برما.

و من هذا المنطلق فإنه یتوجب علینا أن نبحث عن الحق.. و أن لا نستوحش من طریق الحق لقلة سالکیه.. و علینا دائما أن نعرف أن الحق لا یعرف بالرجال.. بل الرجال یعرفون بالحق.. و إذا أردنا أن نستوعب هذه العبارة فإن معناها: «لا تبحثوا عن الحق فی الرجال.. ولکن ابحثوا عن الرجال فی الحق..» بمعنی أن یکون للحق وجود مستقل بذاته.. یجتمع علیه رواده و طالبوه. و أبوالفضل العباس – علیه‏السلام – هو رمز الحق، و شعلة الدفاع عن الحق.. و لأنه کان یتعامل مع الحق فقد التحم به التحاما منقطع النظیر حتی صار هو والحق نورا واحدا یضی‏ء الطریق للأجیال، و یرش درب المجاهدین بالنور و الیقین و الأمل المشرق..

الأمل بانتصار الإیمان.. و غلبة الحق و أن الذین نصروا الحق هم الخالدون و هم الأحرار و الشرفاء.. و هذه هی رسالة أبی‏الفضل العباس – علیه‏السلام – إلی کل أحرار العالم.