و أما بطولات أبیالفضل العباس علیهالسلام الروحیة التی شهدها العلقمی من أبیالفضل العباس علیهالسلام فحدث أیضا و لا حرج، فان من یستطیع تفریق أربعة آلاف فارس، و یقدر علی تبدید جمعهم، صحیح أنه دلیل علی بطولته الجسمیة و قوته الجسدیة، و لکن لولا قدرته الروحیة الکبیرة، التی لاتهاب من الاقدام علی الموت، و لا ترهب من اقتحام لجج الحرب المدمرة، لما کان یستطیع التقدم نحو العدو حتی شبر واحد، و لا أن یدنو من العلقمی بمقدار أنملة، فکیف بأن یقتحمه و یملأ الوعاء منه؟ فما ظهور بطولته الجسمیة و بروز قوته الجسدیة، الا عن دافع الروح القویة، و قدرتها المعنویة العالیة.
ألم تسمع بخبر ابنالحنفیة فی وقعة الجمل و ذلک علی ما اشتهر علیه ابنالحنفیة من البطولة و الشجاعة؟ فانه لما أمره أبوه أمیرالمؤمنین علیهالسلام بأن یحمل علی القوم، تریث و أبطأ عن مهاجمتهم و مداهمتهم، فلما استفسر علیهالسلام منه عن سبب تثاقله، أجاب، بأنه یتریث انقطاع رشق السهام التی تتوالی نحوه کالمطر، فدفع علیهالسلام فی صدره و قال له: لقد أصابک عرق من امک، مما یظهر منه أن موقف ابنالحنفیة أمام رشق السهام مع قوته الجسدیة الفائقة، کانت قد نتجت من ضعف الروح التی لحقته من امه، و الا فأبوه أمیرالمؤمنین علیهالسلام هو من یضرب بقوة روحه و علو معنویاته المثل، بینما ام أبیالفضل العباس علیهالسلام هی امالبنین علیهاالسلام المعروفة ببیتها العریق فی الشجاعة و البطولة، و التی قد ورثت من آبائها الفروسیة و الشهامة و ورثته ابنها أباالفضل العباس علیهالسلام، فأبوالفضل علیهالسلام وریث شجاعة أبیه أمیرالمؤمنین علیهالسلام و امه أمالبنین علیهاالسلام، و لا کلام فی شجاعة مثله علیهالسلام روحا و جسدا.