جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

من یعظم شعائر الله

زمان مطالعه: 4 دقیقه

أهم شی‏ء فی الأمة – أیة أمة – مقدساتها، و خصوصا القیادة الروحیة و مراکز العبادة.. و حین توجه ضربة إلی أحد هذین الرمزین أو کلیهما فإن رد الفعل المتوقع هو أن تثور الأمة و تقدم دمها و تعلن استنکارها من أجل الحفاظ علی مبادئها و مقدساتها..

و إذا وقع مثل هذا الخطر و لم تتحرک الأمة فإن ذلک یشیر إلی وجود خلل فی ترکیب هذه الأمة، فی القیادة أو فی القاعدة، و دائما: کیفما تکونوا یولی علیکم، هذا جانب و جانب آخر و انطلاقا من هذه القاعدة فإن الأمة عندما تکون منحطة و هابطة یکون القائد علیها منحطا و هابطا هو الآخر و هذا ما حصل أیام الأمویین و العباسیین حین فقدت الأمة هویتها و باعت آخرتها بدنیا غیرها.

المهم لیس هنا محل هذا الکلام و إنما أردت فقط أن أشیر إلی حقیقة واضحة لیس علیها غبار و هی: إن عظمة الأمة وقوتها إنما تظهر بإظهار إیمانها العمیق بمقدساتها و اعتزازها بشعائر دینها و مبادی‏ء إسلامها و منهجها فی الحیاة.. هذا طبعا بالنسبة للأمة الإسلامیة التی کانت یوم کانت قبل الإسلام أمة تشرب الطرق و تقتات القد أو الورق. أبناؤها أذلة خاسئون یخافون

أن یتخطفهم الناس من حولهم فأنقذهم الله بمحمد و أهل بیته صلی الله علی محمد و آله الطیبین.

و انتقلت الأمة من البداوة إلی طور الحضارة حتی صارت خیر أمة أخرجت للناس، طبعا ما دامت متمسکة بالقرآن الکریم و العترة الطاهرة، فلما ترکت القرآن و العترة انتکست و انقلبت علی وجهها، و لا زالت فی نکسها تعانی من الجراح العمیقة التی فتحها العدو فی جسدها المتهافت الضعیف و استمرت الحال علی هذا المنوال إلی أیامنا هذه و نحن فی مطلع عام 1412 هجریة المصادف عام 1992 میلادیة..

و ننظر ما یجری فی العراق علی المقدسات و علی المرجعیة فالمرجعیة الدینیة تعرضت لأبشع ألوان الاضطهاد کما تعرض أهل العلم و رجال الدین لنفس المصیر فقتل من قتل و سجن من سجن و أبعد من أبعد، هذا طبعا بالنسبة للعلماء و رجال الفکر و الأدب.. أما الشعب فقد قدم أروع و أنبل و أنصع صور التضحیة و الفداء.. و إنه لشعب منتصر عاجلا أم آجلا فالنصر لا محالة قادم إلی هذا الشعب البطل المجاهد الذی انتفض من بین الأنقاض و رکام الحرب و حطام القصف و نفض الغبار من علی وجهه و تحرک وراح یناضل و یجاهد حتی دک عروش البغی و أوکار الخیانة لیس ببغداد وحدها، و إنما فی جمیع أرجاء القطر العراقی و إنما أذکر العراق هنا بالذات لأنه یمر بمرحلة هی أخطر مراحل حیاته أو أخطر المراحل التی یمکن أن یمر بها شعب إضافة إلی أنه یمثل بقیة الشعوب المضطهدة التی تعانی من نفس المشکلة، و ذات المصیر.. علی أن الدمار کان کبیرا و مؤلما ولکن الغایة أکبر و أعظم.

و الکلام الذی أرید أن أسجله هنا هو: إن الذی جری و یجری فی العراق أکبر و أعظم مما نسمع و نری. لقد قتلوا و دمروا، و ضربوا حتی المشاهد المقدسة و هدموا العتبات المقدسة فی النجف الأشرف و کربلاء

المقدسة، و فی سامراء و الکاظمیة.. بشکل وحشی لم یسبق له مثیل فی تاریخ الحروب.. لا الأهلیة منها، و لا غیر الأهلیة.

إن ضریح الإمام الحسین – علیه‏السلام – قد قصف بقذائف وزعته هنا و هناک.. کما جرت مذبحة کبیرة فی داخل حرم الإمام الحسین.. و نفس الشی‏ء حدث و جری فی النجف الأشرف حیث ضربوا ضریح الإمام علی – علیه‏السلام – بقذائف و صواریخ و قد رأیت فیلما فی هذا المجال فرأیت زیارة أمین الله و هی تحترق علی ضریح أمیرالمؤمنین علی – علیه‏السلام -.

و ما یقال فی الإمام علی یقال أیضا فی قبة ولده أبی‏الفضل العباس – علیه‏السلام – حیث ضربت هی الأخری کما قطعت منارة العباس.

و إنی و الله أکتب هذه الکلمات و الألم یعتصر قلبی لأننی أجد الوجوم و الجمود یستولی علی الناس فلم یتحرک منهم أحد لإعلان الغضب و الاستنکار!.

أجل.. فلم یحظ هذا العمل البربری المتوحش بردة فعل تناسب حجمه و توافق عظم المسؤولیة و هذا مما یزید فی الطین بلة و فی القلب علة

إن قذیفة واحدة ضربت جدار الفاتیکان فی الحرب العالمیة الثانیة بالغلط أی أن القذیفة جاءت بالخطأ و وقعت علی جدار الفاتیکان فما کاد العالم المسیحی یعرف بالخبر حتی هبت الشعوب عن بکرة أبیها تشجب هذا العمل و تندد بهتلر، و خرجت مظاهرات عاصفة و عارمة فی کل عواصم العالم و کلها تستنکر و تشجب هذا التطاول و التجاوز الذی طال جدار الفاتیکان و هو مکان مقدس.. و لم تهدأ العاصفة حتی اضطر هتلر أن یخرج علی الرادیو یخاطب الناس و یعتذر مما حصل و قال بالحرف الواحد:

أیتها الشعوب الحرة إننی أقدم لکم اعتذاری لما حصل لأن هذه

القذیفة جاءت بالغلط و ضربت جدار الفاتیکان، و نحن لا نملک إلا الحسرة أو الألم لما حصل و مع هذا فأنا اعتذر و أقدم اعتذاری و أطلب السماح منکم بشکل رسمی.

هذا هتلر یعتذر من قذیفة واحدة ضربت الفاتیکان.. و قبل أیام من کتابة هذا المقال هجم جنود أندیرا غندی علی المعبد الذهبی و أطلقوا علیه النار فما کان من الهندوس أو السیخ إلا قاموا برد فعل عنیف أودی بحیاة رئیسة وزراء الهند فوقعت علی الأرض مضرجة بدمائها لأنها سمحت لاثنین من جنودها أن یطلقا النار علی المعبد الذهبی فی الهند و هو دار عبادة مقدسة للهندوس.

فما لنا نحن – أیها الأخوة – ما لنا و الخطوب تعدو علینا کل یوم مفوقات نصولا؟.

و دون أن نرد علی هذا العمل حتی ببرقیات استنکار نبعثها إلی الأمم فی العالم، و کأن دماءنا رخیصة لا قیمة لها.

و هنا أود أن أنقل لکم صورة و لقطات ما یجری فی العراق و خصوصا ضد المراقد المقدسة.. و لأننا نتحدث فی کتاب أبی‏الفضل فالقصة التی أنقلها لکم هی خاصة من أرشیف هذه المدینة البطلة و بالذات من حی أبی‏الفضل العباس فی کربلاء المقدسة.

علی أن المسؤولیة تقع علینا نحن قبل کل الناس لأننا تقاعسنا و تواکلنا و تخاذلنا وراح بعضنا یضرب البعض الآخر فبدل أن نلتفت إلی العدو و نعرف مکائده و مصایده التفتنا إلی قضایا جانبیة و أنفقنا وقتنا علیها هباء منثورا و محنتنا بدأت من هذه الهوة أو الفجوة السحیقة التی ضربت بناءنا الداخلی فدب الوهن و الضعف فی أوصالنا، و شل قوانا و حرکتنا.. ولکن لا یأس، و لا خوف علینا فالمستقبل لنا بإذن الله، لأن الله أعطی ضمانات بالنصر لا یتنازل عنها و لا یخلف وعده أبدا.