عرف أبوالفضل العباس علیهالسلام کبقیة بنیهاشم بالفصاحة و البلاغة، و السلاسة و حسن التعبیر، حتی قیل عنه علیهالسلام: انه کان بلیغا فی کلامه، و فصیحا فی نطقه و أدائه، و قد ذکر الفاضل الدربندی فی أسراره: بأن بعض من یدعی الشجاعة و البسالة برز فی یوم عاشوراء و أخذ یهدد أباالفضل العباس علیهالسلام و یندد به، و یرید منه الاستسلام له، و القاء السلاح أمامه، و یحذره شدة بأسه و طعنه، و قوة مراسه و ضربه.
فسخر منه أبوالفضل العباس علیهالسلام و من کلامه، و لم یعبأ به و بشجاعته، و لم یکترث بتهدیده و تندیده، و انما أجابه بکل قوة و صلابة، و رباطة جأش، و مناعة طبع، قائلا: «انی أری کلامک یا هذا کالسراب، الذی یلوح، فاذا قصد صار أرضا بوارا، و الذی أملته منی، بأن أستسلم لک، فذلک بعید الحصول، صعب الوصول، و انی یا عدو الله و رسوله! معود للقاء الأبطال، و الصبر علی النزال، و مکافحة الفرسان، و بالله المستعان.
ثم أضاف قائلا: و من کملت هذه الصفات فیه، فلیس یخاف من برز الیه، و لا یهاب منازلته و مقارعته، ویلک! ألیس لی اتصال
برسول الله صلی الله علیه و آله و سلم؟ فأنا غصن متصل بشجرته، و زهرة من نور ثمرته، و من کان من هذه الشجرة، فلا یدخل تحت الذمام، و لا یخاف ضرب الحسام، و أنا ابنعلی بن أبیطالب، لا أعهجز عن مبارزة الأقران، و لا أمل من الضرب و الطعان، و ما أشرکت بالله لمحة بصر، و لا خالفت رسول الله فیما أمر، و أنا منه کالورقة من الشجرة، و علی الأصول تنبت الفروع، فاصرف عنا ما أملت، و اقطع منا ما رجوت، فما أنا ممن یأسی علی الحیاة، أو یجزع من الوفاة، فخذ فی الجد، و اصرف عنک الهزل» ثم أنشأ یقول:
صبرا علی جور الزمان القاطع
و منیة ما ان لها من دافع
لا تجز عن فکل شیء هالک
حاشی لمثلی أن یکون بجازع
فلئن رمانا الدهر منه بأسهم
و تفرق من بعد شمل جامع
فلکم لنا من وقعة شابت لها
قمم الأصاغر من ضراب قاطع؟
ثم تصاولا، و اختلفا بضربات، و کان النصر أخیرا لأبیالفضل العباس علیهالسلام، و الموت و الهلاک لذلک المغرور الخاسر.