و تسلم الامام الحسن علیهالسلام قیادة الدولة الاسلامیة بعد وفاة أبیه، و کانت الأوضاع الاجتماعیة و السیاسیة، کلها فی غیر صالحه، فالأکثریة
الساحقة من الرؤساء و القادة العسکریین کانت اتجاهاتهم و میولهم سرا و علانیة مع معاویة، فقد غزاهم بذهبه، و استرقهم بأمواله، کما انتشرت بین کتائب جیشه فکرة الخوارج التی کانت سوسة تنخر فی معسکره، و تعلن عدم شرعیة خلافته، و خلافة أبیه من قبل، و من ثم کان اقبال الجماهیر علی مبایعته فاترا جدا، و کذلک لم تندفع القوات المسلحة بحماس الی بیعته، و انما کانت مرغمة علی ذلک، الأمر الذی أوجب تریب الامام الحسن منهم، و یری المراقبون للأوضاع السیاسیة فی جیش الامام انه قد ماج فی الفتنة و ارتطم فی الشقاء، و ان خطره علی الامام کان أعظم من خطر معاویة و انه لا یصلح بأی حال من الأحوال لأن یخوض الامام به أی میدان من میادین الحرب.
و علی أی حال فان الامام قد تسلم قیادة الدولة، و قد منیت بالانحلال و الضعف، و شیوع الفتن و الاضطراب فیها، و ان من العسیر جدا السیطرة علی الأوضاع الاجتماعیة، و اخضاع البلاد الی عسکره. اللهم الا بسلوک أمرین:
الأول: – اشاعة الأحکام العرفیة فی البلاد، و مصادرة الحریات العامة، و نشر الخوف و الارهاب، و أخذ الناس بالظنة و التهمة، و هذا ما یسلکه عشاق الملک و السلطان حینما یمنون بمثل هذه الأزمان فی شعوبهم.
أما أئمة أهل البیت علیهمالسلام فانهم لا یرون مشروعیة هذه السیاسة، و ان أدت الی الانتصار، و یرون ضرورة توفیر الحیاة الحرة الکریمة للشعب، و اقصاء الوسائل الملتویة عنه.
الثانی: – تقدیم الطبقة الرأسمالیة و ذوی النفوذ علی فئات الشعب، و منحهم الأموال و الامتیازات الخاصة، و الوظائف المهمة ولو فعل ذلک الامام الحسن لاستقرت له الأمور، و ما منی جیشه بالتمرد و الانحلال، الا أنه ابتعد عن ذلک ابتعادا مطلقا لأنه لا تبیحه شریعة الله.
لقد کان منهج الامام الحسن فی سیاسته واضحا لا لبس فیه و لا غموض و هو التمسک بالحق، و عدم السلوک فی المنعطفات، و اجتناب الطرق الملتویة، و ان أدت الی الظفر و النصر.