روی الطبری عن حمید بن مسلم الأزدی، قال: جاء من عبیدالله بن زیاد کتاب الی عمر بن سعد: أما بعد فحل بین الحسین و أصحابه و بین الماء و لا یذوقوا منه قطرة کما صنع بالتقی الزکی المظلوم أمیرالمؤمنین عثمان بن عفان. قال: فبعث عمر بن سعد عمرو بن الحجاج علی خمسمائة فارس فنزلوا علی الشریعة و حالوا بین حسین و أصحابه و بین الماء أن یسقوا منه قطرة و ذلک قبل قتل الحسین بثلاث، قال: و نازله عبدالله بن أبیحصین الأزدی و عداده فی بجیلة فقال: یا حسین! ألا تنظر الی الماء کأنه کبد السماء! و الله لا تذوق منه قطرة حتی تموت عطشا، فقال حسین: اللهم اقتله عطشا و لا تغفر له أبدا!
قال حمید بن مسلم و الله لعدته بعد ذلک فی مرضه فوالله الذی لا اله الا هو لقد رأیته یشرب حتی یبغر ثم یقیء ثم یعود فیشرب حتی یبغر فما یروی فما زال ذلک دأبه حتی لفظ غصته یعنی نفسه.
معرکة علی الماء: قال: و لما اشتد علی الحسین و أصحابه العطش دعا العباس ابنعلی بن أبیطالب أخاه فبعثه فی ثلاثین فارسا و عشرین راجلا و بعث معهم بعشرین قربة فجاءوا حتی دنوا من الماء لیلا
و استقدم أمامهم باللواء نافع بن هلال الجملی، فقال عمرو بن الحجاج الزبیدی: من الرجل؟ فجیء ما جاء بک.
قال: جئنا نشرب من هذا الماء الذی حلاتمونا علیه.
قال: فاشرب هنیئا.
قال: لا والله لا أشرب منه قطرة و حسین عطشان و من تری من أصحابه، فطلعوا علیه، فقال: لا سبیل الی سقی هؤلاء انما وضعنا بهذا المکان لنمنعهم الماء، فلما دنا منه أصحابه قال لرجاله: املئوا قربکم فشد الرجالة فملأوا قربهم و ثار الیهم عمرو بن الحجاج و أصحابه، فحمل علیهم العباس بن علی و نافع بن هلال فکفوهم، ثم انصرفوا الی رحالهم فقالوا: امضوا و وقفوا دونهم فعطف علیهم عمرو بن الحجاج و أصحابه و اطردوا قلیلا، ثم ان رجلا من صداء طعن من أصحاب عمرو بن الحجاج، طعنه نافع بن هلال فظن أنها لیست بشیء ثم انها انتفضت بعد ذلک، فمات منها و جاء أصحاب الحسین بالقرب فأدخلوها علیه (1).
1) معالم المدرستین: ج 3، السید مرتضی العسکری، ص 85 – 84.