و أترعت نفس أبیالفضل بالرأفة و الرحمة علی المحرومین،
و المضطهدین و قد تجلت هذه الظاهرة بأروع صورها فی کربلاء حینما احتلت جیوش الأمویین حوض الفرات لحرمان أهل البیت من الماء حتی یموتوا أو یستسلموا لهم، و لما رأی العباس علیهالسلام أطفال أخیه، و سائر المصیبة من أبناء اخوته، و قد ذبلت شفاههم، و تغیرت ألوانهم من شدة الظمأ ذاب قلبه حنانا و عطفا علیهم، فاقتحم الفرات، و حمل الماء الیهم، و سقاهم، وفی الیوم العاشر من المحرم، سمع الأطفال ینادون العطش العطش، فتفتت کبده رحمة و رأفة علیهم، فأخذ القربة، و التحم مع أعداء الله حتی کشفهم عن نهر الفرات، فغرف منه غرفة لیروی ظمأه فأبت رحمته أن یشرب قبل أخیه و أطفاله، فرمی الماء من یده.
فتشوا فی تاریخ الأمم و الشعوب فهل تجدون مثل هذه الرأفة و الرحمة، التی تحلی بها قمر بنیهاشم و فخر عدنان.
هذه بعض عناصر أبیالفضل و صفاته، و قد ارتقی بها الی قمة المجد التی ارتقی الیها أبوه.