و لما انبثق نور الصبح بادر بلال الی قصر الامارة لیخبر السلطة بمکان مسلم عنده، و کان الخبیث بحالة من الدهشة تلفت النظر، فقصد عبدالرحمن بن محمد بن الأشعث و هو من الأسرة الانتهازیة الخبیثة التی طلقت الشرف و المعروف ثلاثا، فأسره بالأمر، فأمره بالسکوت لئلا یسمعه غیره فیخبر ابنزیاد فینال منه الجائزة، و أسرع عبدالرحمن الی أبیه محمد فأخبره بالأمر الخطیر، و بدت سحنات الفرح و السرور علی وجهه، و فطن ابنمرجانة الی أن هناک أمرا عظیما یخص السلطة فبادر قائلا:
»ما قال لک: عبدالرحمن؟..«.
فقال و قد ملأ الفرح اهابه:
»أصلح الله الأمیر البشارة العظمی..«.
»ما ذاک؟ مثلک من بشر بخیر…«.
»ان ابنی هذا یخبرنی أن مسلما فی دار طوعة…«.
و طار ابنزیاد من الفرح و السرور فقد تمت بوارق آماله و أحلامه، فقد ظفر بسلیل هاشم لیقدمه قربانا لأمویته اللصیقة، و أخذ یمنی ابنالأشعث بالمال و الجاه المزیف، قائلا له:
»قم فأتنی به، و لک ما أردت من الجائزة و الحظ الأوفی…«.
و سال لعاب ابنالأشعث فاندفع وراء أطماعه الدنیئة لالقاء القبض علی مسلم.