جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

ابوالفضل دخیلک أنا و ولدی

زمان مطالعه: 4 دقیقه

ما حدثنی به العلامة البارع الشیخ حسن دخیل حفظه الله عما شاهده بنفسه فی حرم أبی‏الفضل علیه‏السلام قال: زرت الحسین فی غیر أیام الزیارة و ذلک فی أواخر أیام الدولة العثمانیة فی العراق فی فصل الصیف و بعد أن فرغت من زیارة الحسین توجهت الی زیارة العباس علیه‏السلام قرب الزوال فلم أجد فی الصحن الشریف و الحرم المطهر أحدا لحرارة الهواء غیر رجل من الخدمة واقف عند الباب الأول یقدر عمره بالستین سنة کأنه مراقب للحرم و بعد أن زرت صلیت الظهر العصر ثم جلست عند الرأس المقدس مفکرا فی الأبهة و العظمة التی نالها قمر بنی‏هاشم عن تلک التضحیة الشریفة و بینا أنا فی هذا اذ رأیت امرأة محجبة من القرن الی القدم علیها آثار الجلالة و خلفها غلام یقدر بالستة عشر سنة بزی أشراف الأکراد جمیل الصورة فطافت بالقبر والولد تابع ثم دخل بعدهما رجل طویل القامة أبیض اللون مشربا بحمرة ذو لحیة شعره أشقر یخالطه شعرات بیض جمیل البزة کردی اللباس و الزی فلم یأت بما تصنعه الشیعة من الزیارة أو السنة من الفاتحة فاستدبر القبر المطهر و أخذ ینظر الی السیوف و الخناجر و الدرق المعلقة فی الحضرة غیر مکترث بعظمة صاحب الحرم المنیع فتعجبت

منه أشد العجب و لم أعرف الملة التی ینتحلها غیر أنی اعتقدت أنه من متعلقی المرأة والولد و ظهر لی من المرأة عند وصولها فی الطواف الی جهة الرأس الشریف التعجب مما علیه الرجل من الغوایة و من صبر أبی‏الفضل علیه‏السلام عنه فما رأیت الا ذلک الرجل الطویل القامة قد ارتفع عن الأرض و لم أر من رفعه و ضرب به الشباک المطهر و أخذ ینبح و یدور حول القبر و هو یقفز فلا هو بملتصق بالقبر و لا بمبتعد عنه کأنه متکهرب به وقد تشنجت أصابع یدیه و أحمر وجهه حمرة شدیدة ثم صار أزرقا و کانت عنده ساعة علقها برقبته بزنجیل فضة فکلما یقفز تضرب بالقبر حتی تکسرت و حیث أنه أخرج یده من عباءته لم تسقط الی الأرض نعم سقط الطرف الآخر الی الأرض و بتلک القفزات تخرقت.

أما المرأة فحینما شاهدت هذه الکرامة من أبی‏الفضل قبضت علی الولد و أسندت ظهرها الی الجدار و هی تتوسل به بهذه اللهجة (أبوالفضل دخیلک أنا وولدی)

فأدهشنی هذا الحال و بقیت واقفا لا أدری ما أصنع و الرجل قوی البدن و لیس فی الحرم أحد یقبض علیه فدار حول القبر مرتین و هو ینبح و یقفز فرأیت ذلک السید الخادم الذی کان واقفا عند الباب الأول دخل الروضة الشریفة فشاهد الحال فرجع و سمعته ینادی رجلا اسمه جعفر من السادة الخدام فی الروضة فجاءا معا فقال السید الکبیر لجعفر اقبض علی الطرف الآخر من الحزام و کان طول الحزام یبلغ ثلاثة أذرع فوقفا عند القبر حتی اذا وصل الیهما وضعا الحزام فی عنقه و أداراه علیه

فوقف طیا لکنه ینبح فأخرجاه من حرم العباس و قالا للمرأة اتبعینا الی (مشهد الحسین) فخرجوا جمیعا و أنا معهم و لم یکن أحد فی الصحن الشریف فلما صرنا فی السوق بین (الحرمین) تبعنا الواحد و الاثنان من الناس لأن الرجل کان علی حالته من النبح و الاضطراب مکشوف الرأس ثم تکاثر الناس.

فأدخلوه (المشهد الحسینی) و ربطوه بشباک (علی الأکبر) فهدأت حالته و نام وقد عرق عرقا شدیدا فما مضی الا ربع ساعة فاذا به قد انتبه مرعوبا و هو یقول أشهد أن لا اله الا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله و ان أمیرالمؤمنین علی بن أبی‏طالب خلیفة رسول الله بلا فصل و أن الخلیفة من بعده ولده الحسن ثم أخوه الحسین ثم علی بن الحسین وعد الأئمة الی الحجة المهدی عجل الله فرجه.

فسئل عن ذلک قال انی رأیت رسول الله الآن و هو یقولی لی اعترف بهؤلاء وعدهم علی و ان لم تفعل یهلکک العباس فأنا أشهد بهم و أتبرأ من غیرهم.

ثم سئل عما شاهده هناک فقال بینا أنا فی حرم العباس اذ رأیت رجلا طویل القامة قبض علی و قال لی یا کلب الی الآن بعدک علی الضلال ثم ضرب بی القبر و لم یزل یضربنی بالعصا فی قفای و أنا أفر منه.

ثم سألت المرأة عن قصة الرجل فقالت انها شیعیة من أهل بغداد و الرجل سنی من أهل السلیمانیة ساکن فی بغداد متدین بمذهبه لا یعمل

الفسوق و المعاصی یحب الخصال الحمیدة و یتنزه عن الذمیمة و هو بندرجی تتن و للمرأة اخوان حرفتهما بیع التتن و معاملتهما مع الرجل فبلغ دینه علیهما ماءتا (لیرة عثمانیة) فاستقر رأیهما علی بیع الدار منه و المهاجرة من بغداد فأحضراه فی دارهما (ظهرا) و أطلعها علی رأیهما و عرفاه أنه لم یکن دین علیهما لغیره فعندها أبدی من الشهامة شیئا عجیبا فأخرج الأوراق و خرقها ثم أحرقها و طمنهما علی الاعانة مهما یحتاجان.

فطارا فرحا و أرادا مجازاته فی الحال فذاکرا المرأة علی التزویج منه فوجدا منه الرغبة فیه لوقوفها علی هذا الفضل مع ما فیه من التمسک بالدین و اجتناب الدنایا و قد طلب منهما مرارا اختیار المرأة الصالحة له فلما ذکرا له ذلک زاد سروره و انشرح صدره بحصول أمنیته فعقدا له من المرأة و تزوج منها.

و لما حصلت عنده طلبت منه زیارة الکاظمیین اذ لم تزرهما مدة کونها بلا زوج فلم یجبها مدعیا أنه من الخرافات و لما ظهر علیها الحمل سألته أن ینذر الزیارة أن رزق ولدا ففعل و لما جاءت بالولد طالبته بالزیارة فقال لا أف بالنذر حتی یبلغ الولد فأیست المرأة و لما بلغ الولد السنة الخامسة عشر طلب منها اختیار الزوجة فأبت ما دام لم یف بالنذر فعندها وافقها علی الزیارة مکرها و طلبت من الجوادین الکرامة الباهرة لیعتقد بامامتهما فلم تر منهما ما یسرها بل أساءها سخریته و استهزاؤه.

ثم ذهب الرجل بالمرأة و الولد الی العسکریین و توسلت بهما و ذکرت قصة الرجل فلم تشرق علیه أنوارهما و زادت السخریة منه.

و لما وصلا کربلا قالت المرأة تقدم زیارة العباس علیه‏السلام و اذا لم تظهر منه الکرامة و هو أبوالفضل و باب الحوائج لا أزور أخاه الشهید و لا أباه أمیرالمؤمنین و ارجع الی بغداد و قصت علی أبی‏الفضل قصة الرجل و عرفته حال الرجل و سخریته بالأئمة الطاهرین و أنها لا تزور أخاه و لا أباه اذا لم یتلطف علیه بالهدایة و ینقذه من الغوایة فأنجح سؤلها و فاز الرجل بالسعادة.